[ad_1]
توصف إنجازات الصحف عادة بـ«الانفرادات» أو «الخبطات» أو «النجاحات»، لكن ماذا يمكن أن يوصف فعل الصحيفة الذي تخطى مرحلة الإنجاز المهني بكثير، وتعداه إلى الكشف عن قتل بشر مدنيين وأبرياء في غارة عسكرية، رغم كل محاولات إخفائها؟
هذا ما فعلته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، ودفع إدارة جائزة بوليتزر إلى منحها الجائزة أخيراً.
فقد استطاعت الصحيفة، طبقاً لـ«غلوبال إنفيستيجيتف جورنايزم نت»، عبر تحقيق من ثمانية أجزاء امتد منذ سبتمبر 2021 إلى ديسمبر 2021، الكشف عن سقوط 1300 مدني في العراق وسورية وأفغانستان في غارات أميركية، واتسمت التحقيقات بالتنوع، فكشف أولها اختفاء (أو ربما إخفاء) معلومات عن سقوط مدنيين في سجلات البنتاغون، وكشف الثاني إجمالي خسائر المدنيين، والثالث عن أوراق توثق سقوط المدنيين، والرابع عن دور الدرون (الطائرة بدون طيار) في قتل الأشخاص الخطأ، والخامس ادعاء البنتاغون عن بيت عائلة بأنه مخبأ داعشي، والسادس إخفاء أميركا خبر غارة، والسابع تصوير ضرب قرية بأنه قصف وحدة إرهابية، والأخير عن تفنيد لنفي أميركي مقتل مدنيين.
لم تذكر «إدارة بوليتزر» لماذا أشارت بشكل خاص إلى اسم الصحافية والباحثة، عزمت خان، في ديباجة تسميتها للجائزة، والبالغ قدرها 15 ألف دولار أميركي، رغم أن خان كانت واحدة من فريق واسع، لكن «بوليتزر» على أية حال منحت جميع المشاركين ما هو أثمن من الجائزة نفسها، حيث قالت في الحيثيات إن سبب المنح هو «التغطية الصحافية الشجاعة التي لا هوادة فيها لهؤلاء الصحافيين، والتي كشفوا فيها عن قائمة المدنيين الذين قضوا في الغارات الاميركية، في كل من العراق وسورية وأفغانستان، متحدين بذلك الرواية الأميركية الرسمية»، معطية بذلك نوط الفروسية والشرف لجميع المشاركين في التحقيقات، ومضيفة لحيثيات تكريمهم ما هو أبعد من مجرد التفوق المهني.
كذلك فإن هناك عنصراً آخر برز في تحقيقات «نيويورك تايمز» الفائزة بالجائزة، وهو دور «صحافة الداتا (المعلومات)» في التفوق الصحافي، ليمثل الجناح الآخر لأهمية «الصحافة الميدانية»، فبينما يمنح الأخير بجرأته واقتحامه وقدرته على الإتيان بالجديد مساحة مهمة، يمنح الأول ميزة تعميق وربط المعلومات وتوليد حقائق غير متوقعة، وقد برز هذا جلياً في اعتماد التحقيقات على مركزين مهمين لجمع وتحليل المعلومات، هما «مكتب الصحافة الاستقصائية» بالمملكة المتحدة، ومركز «إيروورز».
لقد شكلت تحقيقات نيويورك تايمز انتصاراً مهماً للصحافة في الولايات المتحدة والعالم هنأتها عليه جهات كثيرة، لكن أجمل التهاني جاءت على لسان الناطق باسم البنتاغون، حيث صرح قائلاً: «لا أستطيع أن أقول إن هذه العملية كانت مريحة، لكني أعتقد أن هذا هو بيت القصيد، إذ ليس من المفترض أن تكون هذه العملية مريحة (لنا)، هذا ما تصنعه الصحافة الحرة في أحسن أحوالها: إنها تحاسبنا».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
[ad_2]
التعليقات