دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)– بدأت معالم مدينة عائمة بالتشكّل فوق مياه المحيط الهندي، وتبعد 10 دقائق بالقارب فقط عن عاصمة جزر المالديف، ماليه. وهذه المدينة كبيرة بما يكفي لإيواء 20 ألف شخص.
وتضم المدينة، المصممة على نحو مماثل لمرجان الدماغ، من 5 آلاف وحدة عائمة تشمل المنازل، والمطاعم، والمتاجر، والمدارس، وتربط بينها القنوات المائية.
وسيتم الكشف عن الوحدات الأولى هذا الشهر، مع انتقال السكّان إليها مطلع عام 2024، ومن المقرّر الانتهاء من بناء المدينة بحلول عام 2027.
وتُعد المدينة، وهي مشروع مشترك بين شركة التطوير العقاري “Dutch Docklands”، وحكومة جزر المالديف، حلاً عمليًا لارتفاع مستوى سطح البحر.
وتُعتبر جزر المالديف بين أكثر دول العالم عُرضةً لتغيّر المناخ.
ووصف كوين أولثويس، مؤسس شركة “Waterstudio” للهندسة المعمارية التي صممت المدينة، المشروع بأنه “أمل جديد” لأكثر من نصف مليون شخص في جزر المالديف، وقال لـCNN: “يمكنه (المشروع) إثبات أن ثمة مساكن بأسعار ميسّرة، ومجتمعات كبيرة، ومدن عادية آمنة تطفو على المياه أيضًا”.
مركز العمارة العائمة
ووُلِد أولثويس وترعرع في هولندا، حيث يقع ثلث اليابسة تقريبًا تحت مستوى سطح البحر، ولطالما عاش على مقربة من المياه طوال حياته.
وعملت عائلته في مجال بناء السفن، والهندسة المعمارية، لذلك، كان طبيعيًا بالنسبة إليه الدمج بين المجالين.
وفي عام 2003، أسّس أولثويس شركة “Waterstudio” التي يتمحور اختصاصها حول البناء فوق سطح المياه بالكامل.
وفي ذلك الوقت، بدأت تبرز علامات تغيّر المناخ، لكنها لم تُعتبر حينها مشكلة كبيرة بما يكفي لتأسيس شركة مكرسة لذلك، بحسب ما ذكره أولثويس.
وتمثّلت المشكلة الأكبر في ذلك الوقت بالمساحة، إذ كانت المدن تتوسّع، مع نفاذ الأراضي المناسبة لأعمال التطوير الحضرية الجديدة.
وصممت “Waterstudio” خلال العقدين الماضيين، أكثر من 300 منزل عائم، إضافةً إلى المكاتب، والمدارس، ومراكز الرعاية الصحية حول العالم.
وأصبحت هولندا مركز هذه الحركة، فهي تحتضن حدائق عائمة، ومزرعة ألبان عائمة، ومبنى عائم للمكاتب يعمل كمقر للمركز العالمي للتكيّف (GCA)، وهي منظمة تُركّز على توسيع نطاق حلول التكيّف مع المناخ.
ويرى باتريك فيركويجين، الرئيس التنفيذي لـGCA، أن العمارة العائمة تمثّل حلاً عمليًا، وذكيًا من الناحية الاقتصادية لارتفاع مستويات سطح البحر.
وفي العام الماضي، كلّفت الفيضانات الاقتصاد العالمي أكثر من 82 مليار دولار، وفقًا لوكالة إعادة التأمين “Swiss Re”.
ويُتوقع ارتفاع التكاليف نتيجةً تسبب تغيّر المناخ بالأحداث المناخية المتطرفة.
وتتوقع إحدى التقارير الصادرة عن معهد الموارد العالمية (WRI) تأثّر الممتلكات الحضرية التي تزيد قيمتها عن 700 مليار دولار سنويًا بالفيضانات الساحلية والنهرية، بحلول عام 2030.
ولا يزال أمام العمارة العائمة طريق طويل تجتازه، إن لجهة نطاقها، والقدرة على تحمّل التكاليف، وفقًا لما ذكره فيركويجين، الذي قال: “هذه هي الخطوة التالية من هذه الرحلة، أي كيف يمكننا التوسّع، وفي الوقت ذاته، كيف يمكننا الإسراع بذلك”؟
مدينة عادية.. لكن عائمة
ويهدف مشروع جزر المالديف إلى تحقيق هذين الجانبين، وبناء مدينة تضم 20 ألف شخص في أقل من 5 أعوام.
وصُممت مدينة “Waterstudio” لجذب السكّان المحليين بمنازلها الملونة بألوان قوس القزح، وشرفاتها الواسعة، وإطلالاتها على الواجهة البحرية.
وسيتنقّل السكان عبر القوارب، كما يمكنهم المشي، أو ركوب الدراجات، أو استخدام “السكوتر” الكهربائي، أو عربات الـ”باغي” في الشوارع الرملية.
وأكّد أولثويس أنه تم تقييم الأثر البيئي المحتمل للهيكل بدقّة من قبل خبراء المرجان المحليين، ووافقت عليه السلطات الحكومية قبل الشروع بالبناء.
ولدعم الحياة البحرية، ترتبط ضفاف المرجان الاصطناعية المصنوعة من الزجاج الرغوي بالجانب السفلي للمدينة، ومن شأنها تحفيز نمو المرجان بشكلٍ طبيعي.
ويتمثّل الهدف في أن تكون المدينة تتمتع باكتفاء ذاتي، وبالمهام عينها التي تقوم بها المدن على اليابسة.
وعبر تطوير مدينة عائمة تعمل بصورة كاملة في جزر المالديف، يأمل أولثويس بانتقال هذا النوع من الهندسة المعمارية إلى المستوى التالي.
التعليقات