فلحظة ملامستها لإسفلت مطار “تايبيه سونغشان” مساء الثلاثاء، برزت بيلوسي وسط الظلام ببدلة ورديّة اللون. وأظهرت إطلالتها أنّ الوقت ليس للتقليل من شأنه.
وتُعتبر رحلة بيلوسي المثيرة للجدل إلى الجزيرة التي تتمتّع بحكم ذاتي رمزيّة بحد ذاتها.
وإذا كان هدفها الإشارة إلى التزام أمريكا بالديمقراطية التي وصفتها بأنها “نابضة بالحياة”، إسوة ببدلتها، فإن ارتداء اللون الوردي كان أيضًا أحد أشكال التواصل السياسي.
ولم تُغيّر بيلوسي زيّها في منتصف الرحلة.
ففي وقتٍ سابق من ذلك اليوم، ارتدت بيلوسي البدلة ذاتها، مع حذاء كعبه عالٍ، وقلادة من اللؤلؤ لزيارة البرلمان الماليزي.
لكن الوصول إلى تايوان مرتدية الزي نفسه يشي بأنه متعمّد.
وبدا أن اللون الوردي، الذي يوحي بالثّقة، والقوّة، ولا يشكّل تهديدًا، حدّد حضورها ضمن إطار الصداقة تجاه تايوان، من دون أن يظهر عدائية تجاه الصين، التي اتهمتها بإثارة أزمة “عن قصد، وعن سوء نيّة”.
وما يحاول المعلّقون تكهّنه في الواقع هو إذا أرادت بيلوسي الغمز من باب إحدى الشخصيات الأمريكية العاشقة لإطلالة البدلة والبنطال هذه، وهي هيلاري كلينتون.
ففي عام 1995، ارتدت السيدة الأولى آنذاك، زيًّا مماثلًا في المؤتمر العالمي الرابع حول المرأة، الذي عقدته الأمم المتحدة في بكين، حيث قالت: “حقوق المرأة هي حقوق الإنسان”.
وعلى غرار رحلة بيلوسي، كان خطاب كلينتون مثيرًا للجدل إلى حدٍ ما.
فخلال كلمتها، عرضت كلينتون بالتّفصيل التهديدات التي تواجهها النساء على مستوى العالم، ضمنًا في الصين، مع إشارتها إلى عدم تسامح البلاد مع المعارضة.
وللمفارقة وعلى نحو غير مفاجئ، خضع هذا التصريح للرقابة من قبل بكين. ولو رغبت بيلوسي باستحضار ذكرى تاريخية، فإن انتقاد كلينتون الصريح للصين على أرضها سيكون مستفزّا.
وإسوة بالعديد من النساء في موقع القيادة، نادرًا ما تولي بيلوسي اهتمامًا تجاه الأسئلة المتمحورة حول خياراتها للأزياء.
لكن ما من شك بأنّ رئيسة مجلس النواب تُقدّر وتسخّر بانتظام، قوّة الملابس، ويظهر ذلك من خلال الكمّامات المنسّقة، و”أوشحة تعكس السلطة” التي تلبسها، إلى اللون الأبيض المرتبط بالحركة المُطالِبة بحقوق المرأة، الذي ارتدته بيلوسي مع أخريات احتجاجًا على خطاب حالة الاتحاد في عهد الرئيس دونالد ترامب، عام 2020.
وعلى غرار العديد من عضوات الكونغرس الديمقراطيات، ارتدت بيلوسي اللون الأبيض أيضًا أثناء خطاب ترامب المشترك أمام الكونغرس عام 2017، بينما قالت بدلتها النارية الحمراء من علامة “ماكس مارا” “الكثير، قبل مواجهتها الشهيرة مع الرئيس السابق بعد عام.
وقد يخضع السياق للتأويل أكثر مما يحتمله عندما يتعلّق الأمر بإطلالات السياسيين.
فقد ارتدى نائب رئيس الهيئة التشريعية التايوانية، تساي تشي تشانج، ربطة عنق وردية لدى مقابلته بيلوسي صباح الأربعاء.
وربما لم تكن ربطة العنق تلك، التي بدت وكأنها استجابة لبدلة بيلوسي، أكثر من مصادفة.
ولكن تحمل الملابس معاني رمزية، وإذا كان الاستحسان على وسائل التواصل الاجتماعي أمرًا يمكننا الاعتماد عليه، فيعني ذلك أن صدى الرسالة وراء بدلة بيلوسي الوردية تردّدت في تايبيه، وبكين، وخارجهما.
التعليقات