فرنسا صديق وحليـف استراتيجي لدولة الإمارات – صحيفة الصوت

أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، أهمية العلاقات التي تجمع بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية فرنسا، معرباً سموه عن سعادته بالزيارة التي يجريها إلى العاصمة باريس، حالياً، ولقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في تدوينة على «تويتر»، أمس: «فرنسا صديق وحليف استراتيجي لدولة الإمارات.. تميزت علاقاتنا التاريخية بالمواقف الثابتة والتعاون المثمر في العديد من المجالات. واليوم، أعبر عن سعادتي بزيارة باريس العريقة، ولقاء صديقي الرئيس إيمانويل ماكرون.. ماضون في تعزيز هذه العلاقات نحو آفاق أكثر تنوعاً ونمواً وازدهاراً».

وتتسم العلاقات الإماراتية – الفرنسية بالعديد من الخصائص التي أكسبتها أهمية خاصة، ودفعتها باستمرار نحو النمو والتقدم، إلى أن بلغت مستوى الشراكة الاستراتيجية التي عززها تقارب الرؤى بين البلدين حيال القضايا الإقليمية والعالمية الراهنة، والاتفاق على تعزيز الأمن والاستقرار الدوليين، فضلاً عن التعاون المتنامي بينهما في المجالات كافة.

وتستمد العلاقات الإماراتية الفرنسية قوتها من دعم ومتابعة وتوجيهات قيادة البلدين، ممثلة بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ورئيس الجمهورية الفرنسية، الرئيس إيمانويل ماكرون، إذ أسهمت في الارتقاء بهذه العلاقات إلى مستويات غير مسبوقة من التعاون والتنسيق.

وخلال السنوات الماضية، شكلت العلاقات المميزة بين البلدين دعامة رئيسة لمواجهة أنواع مختلفة من التحديات الإقليمية والدولية، ولعبت دوراً بارزاً في التصدي للتطرف والتعصب، وأسهمت في نشر مفاهيم التسامح والتعايش بين الأديان والمجتمعات.

وتسلط زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى جمهورية فرنسا الصديقة الضوء مجدداً على علاقات الصداقة والشراكة الاستراتيجية بين الإمارات وفرنسا، التي أصبحت نموذجاً يحتذى في بناء العلاقات الدولية.

وتعود العلاقات ما بين البلدين إلى ما قبل قيام اتحاد دولة الإمارات، إذ إن بعض الشركات الفرنسية النفطية، مثل «توتال»، كانت تمارس أعمالها في التنقيب عن النفط في الإمارات.

وحينما قام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971، بدأت العلاقات الثنائية بين الدولتين، فقد أرسى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان، لبنات قوية لعلاقات صداقة متينة بين البلدين، وتعززت هذه العلاقات بعد الزيارة الأولى للشيخ زايد لفرنسا عام 1976.

وترتبط الدولتان بعلاقات وثيقة على مختلف الأصعدة، يجسدها الحوار القائم بين الجانبين بشكل دائم، واللقاءات على أعلى المستويات بين البلدين والاجتماعات الوزارية والحكومية المتواترة، وزيارات الوفود البرلمانية، الأمر الذي يعكس حجم الاهتمام الذي توليه فرنسا، كما الإمارات، لتطوير العلاقات الثنائية.

وسعياً لتعزيز مجالات التعاون الثنائي والارتقاء بها لمستويات الشراكة الاستراتيجية أنشأ البلدان لجنة الحوار الاستراتيجي الإماراتي – الفرنسي، التي بدأت أعمالها للمرة الأولى عام 2008، حيث يهدف الحوار إلى تحديد الفرص والشراكات القائمة والمستقبلية، وتضمين استمرارية التعاون في مشاريع ومبادرات قائمة، مثل الاقتصاد والتجارة والاستثمار والثقافة والنفط والغاز والطاقة النووية والطاقة المتجددة والتعليم والثقافة والصحة والفضاء والأمن، إضافة إلى قطاعات أخرى ذات الأولوية المشتركة.

وانتظمت منذ ذلك الوقت اجتماعات لجنة الحوار، وفي إطارها اعتمد الطرفان في الثالث من يونيو 2020 خارطة طريق جديدة لشراكتهما الاستراتيجية في السنوات الـ10 المقبلة، أي لفترة 2020 – 2030. وفي الاجتماع الـ14 للجنة، الذي عقد في يونيو الماضي في أبوظبي، بحث الجانبان سبل تعزيز القطاعات الرئيسة للتعاون الثنائي، كالاقتصاد والتجارة والاستثمار والنفط والغاز، والهيدروجين الخالي من الكربون، والطاقة النووية والمتجددة، والتغير المناخي، والتعليم، والثقافة، والصحة، والذكاء الاصطناعي، والأمن الغذائي، والتكنولوجيا المالية، وحقوق الملكية الفكرية، ومواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والفضاء، إضافة إلى الأمن الإلكتروني. وشهدت السنوات الماضية التوقيع على عشرات الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين في مختلف المجالات، الاقتصادية والثقافية والعسكرية والبيئية، وكان آخرها 13 اتفاقية جرى توقيعها خلال الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للإمارات في ديسمبر الماضي.

وترتبط الإمارات وفرنسا بعلاقات اقتصادية واستثمارية متميزة، وتعكس بيانات التجارة الخارجية غير النفطية بين الإمارات وفرنسا قوة ومتانة العلاقات الاقتصادية بين البلدين، الممتدة منذ عقود طويلة، حيث بلغ إجمالي حجم التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين ما يزيد على 25.2 مليار درهم بنهاية عام 2021، وذلك حسب بيانات المركز الاتحادي للتنافسية والاحصاء.

وتعد فرنسا أحد المستثمرين الأجانب الرئيسين في الإمارات العربية المتحدة، وبلغت الاستثمارات الفرنسية المباشرة في الإمارات 2.5 مليار يورو في نهاية عام 2020، في حين تحتل الإمارات العربية المتحدة المركز الـ35 في قائمة المستثمرين الأجانب في فرنسا.

ويولي البلدان عناية خاصة للشراكة الثقافية بينهما إيماناً منهما بأهميتها في مد جسور التواصل بين شعبي البلدين. وخلال السنوات الماضية شهدت هذه الشراكة إنجازات كثيرة، تمثلت في افتتاح متحف اللوفر في أبوظبي، الذي يعد أول متحف عالمي في العالم العربي، وأكبر مشروع ثقافي تروج له فرنسا في الخارج، وكذلك جامعة باريس – السوربون أبوظبي، التي تأسست عام 2006، حيث تمثل اتفاقاً تاريخياً يحقق الرؤية المشتركة بين حكومة دولة الإمارات والحكومة الفرنسية لتحقيق أفضل المعايير في مجال التعليم الفرنسي في منطقة الشرق الأوسط.

ولعب البلدان دوراً رئيساً في إنشاء التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع (ALIPH)، كما أسهمت دولة الإمارات بمبلغ خمسة ملايين يورو لدعم معهد العالم العربي في باريس عام 2017، وتم في العام نفسه افتتاح قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في متحف اللوفر في باريس.

علاوة على ذلك، أسهمت دولة الإمارات في ترميم المسرح الإمبراطوري لقصر «فونتينبلو» بالقرب من باريس بـ10 ملايين يورو، وبناءً عليه سمي المسرح باسم الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله.

وشهدت الشراكة الثقافية بين دولة الإمارات والجمهورية الفرنسية تطورات مهمة خلال السنوات الأخيرة، وجرى في أكتوبر 2018 الإعلان عن عام التعاون الثقافي الإماراتي الفرنسي في باريس. ونتيجة لذلك، تم إطلاق إذاعة باللغة الفرنسية في دولة الإمارات، تبث برامجها بمعدل ثلاث مرات في الأسبوع.

وفي ديسمبر 2018، أصبحت دولة الإمارات عضواً منتسباً في المنظمة الدولية للفرنكوفونية.

وفي مجال التعليم، تشكل المدارس الثانوية الفرنسية السبع المعتمدة في دولة الإمارات سادس أكبر شبكة مدارس فرنسية في العالم من حيث الالتحاق، وتضم أكثر من 10 آلاف طالب.

وفي عام 2018 تم تنفيذ برنامج المرحلة التجريبية لإدخال اللغة الفرنسية في المدارس الحكومية في الإمارات، حيث يتعلم حالياً أكثر من 60 ألف تلميذ اللغة الفرنسية في المدارس الحكومية والخاصة في الدولة.

ويبلغ تعداد الجالية الفرنسية التي تقيم على أرض الإمارات نحو 25 ألف شخص وهي الأكبر على مستوى منطقة الخليج العربي، وتحرص فرنسا على المشاركة في مختلف الأنشطة والمعارض الدولية التي تقام على أرض دولة الإمارات.

وفي هذا الإطار جاءت مشاركتها المتميزة في فعاليات «إكسبو 2020 دبي» بجناح خاص بها بعنوان «الضوء والأنوار»، الذي مثل واجهة الرؤية والمهارة الفرنسية على الصعيد الدولي.


محمد بن زايد:

«علاقاتنا التاريخية مع فرنسا تميزت بالمواقف الثابتة والتعاون المثمر في العديد من المجالات».

شراكة رياضية

تشهد العلاقات الإماراتية الفرنسية زخماً كبيراً على الأصعدة كافة، ويمتد هذا الزخم إلى المجال الرياضي، الذي يعد من أبرز ملامح العلاقات الثابتة والمتبادلة بين البلدين الصديقين.

وعلى مدار ستة شهور متتالية، في معرض «إكسبو 2020 دبي»، حظي جناح فرنسا باهتمام ومتابعة وحضور منقطع النظير، خصوصاً بعدما تضمن قسماً كبيراً للترويج للحدث الرياضي الأولمبي التاريخي المنتظر. وتحولت صالة عرض المشروع الأولمبي بالجناح الفرنسي إلى محطة مبهرة للزوار، شهدت توظيف التقنيات الحديثة لإبراز الرؤية الفرنسية التي يتبناها أولمبياد باريس 2024، وكذلك التعريف بالقرية الأولمبية، والأماكن التي تحتضن منافسات الحدث العالمي.

25.2

مليار درهم إجمالي حجم التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين حتى نهاية العام الماضي.

2.5

مليار يورو الاستثمارات الفرنسية المباشرة في الإمارات في نهاية عام 2020.

25

ألف شخص تعداد الجالية الفرنسية التي تقيم على أرض الإمارات، وهي الأكبر على مستوى منطقة الخليج العربي.

60

ألف تلميذ يتعلمون اللغة الفرنسية في المدارس الحكومية والخاصة في الدولة.

2.46 مليون سائح فرنسي

شهدت حركة السياحة بين دولة الإمارات وجمهورية فرنسا نمواً ملحوظاً في السنوات الماضية، على الرغم من تداعيات جائحة «كوفيد -19».

وفي العام الماضي زادت أعداد السياح الفرنسيين القادمين إلى الدولة بنسبة 59%.

كما عززت جمهورية فرنسا مكانتها ضمن أكبر 10 أسواق مصدرة للسياح القادمين إلى الإمارات في السنوات الماضية، في ظل البيئة السياحية الرائدة في الدولة والمقاصد والخدمات السياحية المتميزة التي تقدمها لزوارها لتعزيز جاذبيتها للسياحة باعتبارها وجهة سياحية رائدة ومستدامة إقليمياً وعالمياً.

وتفصيلاً، بلغ إجمالي عدد السياح القادمين من فرنسا إلى الإمارات 2.461 مليون سائح خلال سبع سنوات (من 2015 حتى 2021) استناداً إلى بيانات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء.

وبلغ عدد السياح الفرنسيين القادمين إلى الدولة نحو 348 ألفاً و98 سائحاً في 2015، ووصل إلى 351 ألفاً و92 سائحاً في 2016، وارتفع إلى 368 ألفاً و46 سائحاً في 2017، وبلغ 420 ألفاً و77 سائحاً في 2018، ووصل إلى 463 ألفاً و18 سائحاً في 2019، وهو أعلى معدل طوال السنوات الأخيرة، فيما بلغ عدد السياح 196 ألفاً و32 سائحاً في 2020 بسبب الإغلاق الاقتصادي جراء جائحة «كوفيد-19».

ومع تخفيف القيود الناجمة عن الجائحة، ارتفعت أعداد السياح القادمين من فرنسا إلى الإمارات بنسبة زيادة وصلت إلى 59% وصولاً إلى 311 ألفاً و57 سائحاً في 2021، مقارنة بعام 2020.

وبلغ عدد النزلاء الفرنسيين في فنادق الدولة نحو 471 ألفاً و92 نزيلاً العام الماضي، قضوا أكثر من 1.887 ليلة فندقية، فيما بلغ عدد النزلاء الفرنسيين نحو 183.9 ألف نزيل في الربع الأول من العام الجاري، قضوا 871.5 ألف ليلة فندقية، وفق بيانات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء.

وتعد الإمارات وجهة سياحية مميزة للسياح الفرنسيين بفضل العديد من الجوانب والميزات، من بينها الموقع الاستراتيجي الذي يربط بين الشرق والغرب، والبنية التحتية القوية والداعمة للسياحة.

أبوظبي – وام

طباعة




التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *