علامات خطر تكشف عمّن قد يجدون في الانتحار خلاصًا لهم.. ما هي؟ – صحيفة الصوت

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) — يُعد الانتحار سببًا رئيسيًا للوفاة بين الأطفال والبالغين، لكن اكتشاف عوامل الخطر والعلامات المنبّهة ليس بالأمر السهل.

ففي الولايات المتحدة، توفي نحو 46 ألف شخص انتحارًا عام 2020، ما يعادل حالة وفاة كل 11 دقيقة، وفقًا للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها.

وفي العالم، سُجلت 800 ألف حالة وفاة سنويًا جراء الانتحار، وفي عام 2020، وصل عدد محاولات الانتحار  إلى 1.2 مليون حالة.

ولم يتوصل الباحثون بعد إلى كيفية التنبؤ على نحو أفضل بمن هم عرضة لخطر الانتحار، وإذا كان الأشخاص الأكثر هشاشة سيقدمون على الانتحار ومتى، وفق جاستن بيكر، المدير السريري لمبادرة الحد من الانتحار والصدمات للمحاربين القدامى في مركز ويكسنر الطبي بجامعة ولاية أوهايو.

وأشار بيكر إلى أن “الأمر بالغ الصعوبة”، مضيفًا أن الصعوبة تكمن في “أن الكثير من الأشخاص يتعاملون مع مختلف أنواع الضغوطات أو يواجهونها، لكنهم لا يفكرون في (الإقدام على الانتحار) أبدًا”.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الإطار الزمني الفاصل بين تفكير الشخص بالانتحار والإقدام عليه قصير، حتى تبدو عليه علامات ذلك، وقد يتراوح بين 5 و15 دقيقة، بحسب بيكر.

وقال إنه “خلل عاطفي وخطأ إدراكي، لعدم تمكنهم من إصلاح الموقف، أو التفكير بطريقة للخروج منه، لذلك يصبح الانتحار خيارًا قابلاً للتطبيق كطريقة للتخلص من الألم الذي يعانون منه. فيتخذون بموجب ذلك إجراءً خلال وقت قصير للغاية”.

رغم ذلك، هناك بعض المواقف التي يُظهر فيها الشخص الذي يفكر بالانتحار، ويخطط له لفترة أطول من الوقت، تغيّرات سلوكية.

وأضاف: “إذا لاحظت هذا النوع من التغيّر، فيعني أنه على وشك التعرّض للخطر، واتخاذ هذا القرار لوضع حدّ لحياته”.

وإذا كنت تعتقد أنك أو أي شخص تعرفه في خطر، لا تتردد في الاستعانة بالمستشارين المدرّبين للمساعدة بتجاوز أي علامات تواجهها أو تلحظها لدى شخص قريب منك.

فيما يلي بعض أكثر العلامات السلوكية، واللفظية، والعاطفية، وعوامل الخطر التي يجب الانتباه إليها، وفقًا للخبراء.

سلوكيات يجب مراقبتها

وأوضح مايكل رويسكي، عالم النفس السريري والمدير الأول لمركز نيوبورت للرعاية الصحية للأبحاث والابتكار، أنّ بعض الأشخاص قد يبدون على طبيعتهم خلال الأسابيع أو الأيام التي تسبق محاولة الانتحار، بينما تتغيّر سلوكيات آخرين لم تألفها من قبل.

ويمكن أن تشمل هذه السلوكيات التدرب على الانتحار، مثل إظهار سلوكيات غير معتادة كاستخدام حبوب الأدوية أو غيرها من العناصر المميتة، وفقًا لإدارة خدمات تعاطي المخدرات والصحة العقلية الأمريكية.

وتشمل الإشارات السلوكية المحتملة الأخرى، التخلي عن المتعلقات الشخصية العزيزة، وقضاء وقت إما طويل أو قصير جدًا في النوم، والإنطواء أو العزلة، وإظهار الغضب أو الرغبة بالانتقام، والتصرف بقلق أو بانفعال، وفقًا لرويسكي، وبيكر، وإدارة خدمات تعاطي المخدرات والصحة العقلية الأمريكية.

وأشار رويسكي إلى أن القيادة بتهوّر قد يكون أيضًا من العلامات التي يجب الانتباه إليها.

وقال بيكر إن مثل هذا السلوك قد يكون بمثابة “اختبار لأنفسهم لمعرفة إذا كان بإمكانهم الإقدام عل الانتحار فعلاً”.

وأضاف أنه “في كثير من الأحيان يحتاج الناس إلى تهيئة أنفسهم للوصول إلى مرحلة الانتحار الفعلي لأن هناك فطرة بيولوجية يجب أن تقاومها، أي البقاء على قيد الحياة”. 

بخصوص التعليقات

وقال رويسكي إن الحديث عن الرغبة في الموت، عن طريق الانتحار أو سوى ذلك، يُعد علامة تحذير أخرى يجب أن تؤخذ على محمل الجد دومًا.

وأضاف أن مثل هذه التعليقات تكون، في بعض الأحيان، مجرد تعبير عن عدم الراحة، أو الألم، أو الملل، أو الرغبة بالتقارب وليست انعكاسًا لرغبة حقيقة في الموت، لكن هذا لا يعني أنه لا يجب عليك مراقبة صاحب هذه التعليقات.

وقد يعبّر بعض الناس عن شعورهم بأنهم ليس لديهم سببًا للعيش.

وقال بيكر: “إذا كان شخص ما يكافح من أجل إيجاد سبب للعيش، فهذا شخص معرض لخطر أكبر بكثير من شخص قادر حتى على تحديد سبب واحد لذلك”.

وقد يتحدث آخرون عن شعورهم بأنهم عبء على المقربين منهم، أو أنهم لا ينتمون إلى أي مكان أو أي شخص، حسبما ذكر رويسكي.

وقد تتضمن مثل هذه التعليقات عبارات مثل “لست بحاجة لي للقيام بذلك بعد الآن”، أو “أشعر أنه من الأفضل لو لم أكن هنا”.

المزاج وعوامل الخطر الأخرى

يمكن للعوامل النفسية، أو المواقف المؤلمة، أو العوامل الوراثية أن تزيد من احتمال التفكير في أو الإقدام على الانتحار والوفاة منه، وفقًا لإدارة خدمات تعاطي المخدرات والصحة العقلية الأمريكية.

لا يمكن لعوامل الخطر هذه أن تسبب أو تتنبأ بمحاولة انتحار، لكن إدراكها أمر مهم.

قال روسكي: “ليس لديهم إحساسًا بأن المستقبل أفضل، أو يشعرون بأنهم غير قادرين على تخيل أنهم لن يشعروا بالألم الذي يعانون منه الآن في ما بعد”.

  • التقلبات المزاجية الشديدة

هذا يشمل الشخص الذي عادة ما يكون متوترًا أو مكتئبًا ثم يبدو فجأة هادئًا أو مبتهجًا، وفقًا لرويسكي.

قد يكون هذا الشخص قد قرر محاولة الانتحار من دون إخبار أحد، ويشعر بالارتياح لذلك. من الدلائل أيضًا على ذلك الشعور بالبهجة بعد نوبة الاكتئاب.

  • الهوس بالموت أو بالوسائل المميتة

قال روسكي إن بعض الأشخاص لديهم اهتمامات فنية أو موسيقية تبعث على الكآبة أكثر من آخرى، لكن إذا تجاوز تفاعلهم مع هذه الاهتمامات الحد الطبيعي بالنسبة لهم، فسيكون ذلك مقلقًا.

  • تجارب الإساءة أو الإهمال أو الصدمات الأخرى
  • مشاكل تعاطي المخدرات
  • الاضطرابات النفسية مثل الفصام، والاكتئاب أو القلق، واضطرابات الشخصية، وخصوصًا المقترنة بنقص العلاج 
  • الأمراض الجسدية الشديدة، بما في ذلك الألم المزمن.

ولفت روسكي إلى أنّه “خصوصًا إذا كان يعاني من مرض يصعب علاجه، ويمكن أن ييأس الناس منه للغاية”.

  • التاريخ العائلي أو الشخصي للانتحار

قال روسكي إنّ “أكبر مؤشر على الانتحار المكتمل هو محاولات الانتحار السابقة، والسبب أنك سترى تصعيدًا في مدى المجازفة ، أو الوسائل التي يستخدمها الشخص لذلك”.

  • خسارة الوظيفة أو المال
  • مشاكل في العلاقة أو خسارة أحباء
  • فقدان الاهتمام بالأنشطة أو المدرسة
  • ضغوط طويلة ناجمة عن أسباب أخرى، مثل المضايقة أو التنمر
  • سهولة الوصول إلى الوسائل المميتة
  • التعرض للانتحار أو لروايات مصورة أو مثيرة عن الانتحار.
  • الدعم الاجتماعي غير الكافي أو الشعور بالعزلة

ما يجب فعله

قال بيكر إنه إذا توافقت أي من هذه العلامات معك، اطلب المساعدة المهنية، وتحدث مع شخص يمكنك الوثوق به والشعور بالدعم من خلاله.

وأشار رويسكي إلى أن العلاج النفسي واستهلاك بعض الأدوية النفسية، مثل مضادات الاكتئاب، يمكن أن تساعد.

وإذا أظهر أحد أفراد أسرتك علامات تشي باحتمال تعرضه لخطر الانتحار، “فليس من مسؤولياتك أن تكون قادرًا على التنبؤ بالمستقبل”، لكن يمكنك أن تكون داعمًا من خلال سؤالهم عما يحدث معهم.

عندما تطمئن على شخص ما، استخدم ما يسميه الخبراء نهجًا سرديًا يركز على الشخص، وفق ما أوصى بيكر.

مثلًا يمكن استخدام هذا السؤال المفتوح: “مرحبًا، لقد لاحظت أن الحياة أصبحت قاسية جدًا في الأيام القليلة الماضية. هل إطلاعي على الأمر؟”

وقال بيكر إنه عندما يستجيب الشخص، يمكنك الاستماع، والتعبير عن التقدير لمشاركته قصته، ومحاولة التوصل إلى حلول معًا، من دون تقديم المشورة حول ذلك.

أما إذا بدا أن من تحبهم أكثر عرضة للخطر أو في طريقهم للإقدام على الانتحار، “فلن يكون لديك الوقت أو الرفاهية للحصول على رأيهم”، عليك الحصول على رعاية طبية أو اتصل برقم الطوارئ.

عند التحدث مع شخص ما لديه ميول انتحارية، قد ترغب في إخبارهم بكل الأسباب الرائعة التي تجعلهم يتمسكون بالبقاء على قيد الحياة، ولكن هذا يمكن أن يجعلهم في الواقع يشعرون بالوحدة أكثر، وفقًا لما ذكره رويسكي.

وإذا كنت قلقًا بشأن شخص يعيش في منزلك، فقلّل من فرص محاولة الإقدام على الانتحار عن طريق تقييد الوصول إلى العناصر التي يحتمل أن تكون قاتلة مثل الأسلحة النارية أو حبوب الأدوية.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *