منذ قرون طويلة ارتبط كحل الإثمد بالتراث العربي والإسلامي بوصفه رمزًا للجمال والوقار والاهتمام بالصحة البصرية، ولم يكن مجرد زينة بل علاجًا طبيعيًا استخدمه الرجال والنساء على حد سواء، حتى أن النبي محمد ﷺ أوصى به وقال: “إن من خير أكحالكم الإثمد، يجلو البصر وينبت الشعر”. واليوم، يعود هذا الكحل الطبيعي الأصيل إلى الواجهة كأحد أبرز منتجات العناية بالعيون الطبيعية التي أثبتت الدراسات الحديثة فعاليتها المذهلة في حماية العينين وتعزيز نمو الرموش والحواجب بطريقة آمنة وخالية من المواد الكيميائية. حديث نبوي عن كحل الإثمد
ما هو كحل الإثمد؟
كحل الإثمد هو نوع من الأحجار المعدنية الطبيعية يُعرف علميًا باسم أنتيمون (Antimony)، وهو حجر لامع رمادي مائل إلى السواد يُطحن ناعمًا ليُستخدم ككحل للعينين. يُستخرج الإثمد من مناطق جبلية في بلاد الشام، والمغرب العربي، واليمن، ومكة المكرمة، ويُعد من أقدم مستحضرات التجميل في التاريخ. يتميز كحل الإثمد الأصلي بملمسه الناعم ولونه الأسود الطبيعي اللامع الذي لا يسبب تهيجًا للعينين، بل يمنحها بريقًا وجاذبية مميزة.
تاريخ كحل الإثمد
يُعتبر كحل الإثمد جزءًا من الحضارات القديمة، فقد استخدمه الفراعنة في مصر القديمة لتزيين العيون وحمايتها من أشعة الشمس القوية، كما استخدمه العرب والفرس والهنود لأغراض علاجية وتجميلية. وفي الجزيرة العربية، كان كحل الإثمد من العلامات المميزة للرجولة والنظافة، وكان يُستخدم من قبل الصحابة والتابعين التزامًا بالسنة النبوية. ومع مرور الزمن، انتقل استخدامه إلى النساء بوصفه عنصرًا أساسيًا في أدوات الزينة الطبيعية لما يمنحه من عمق ولون جذاب للعينين.
كحل الإثمد في السنة النبوية
ورد ذكر كحل الإثمد في عدة أحاديث نبوية صحيحة، حيث قال النبي ﷺ: “اكتحلوا بالإثمد، فإنه يجلو البصر وينبت الشعر”، كما كان عليه الصلاة والسلام يكتحل بالإثمد كل ليلة قبل النوم ثلاثًا في كل عين. وهذا يدل على أهمية هذا المعدن الطبيعية التي جمعت بين الزينة والفائدة الطبية. وقد أكدت الأبحاث الحديثة أن للإثمد خصائص مضادة للبكتيريا والفطريات، ويساعد في تنظيف العين من الشوائب وتقوية الرموش.
مكونات كحل الإثمد الطبيعي
يحتوي كحل الإثمد على مكونات معدنية طبيعية أهمها أكسيد الأنتيمون وبعض العناصر النادرة مثل الحديد والزنك والكالسيوم، وهي معادن مفيدة للجلد والشعر. كما أن الكحل الطبيعي يخلو تمامًا من الرصاص والمواد الكيميائية الصناعية التي تدخل في صناعة الكحل التجاري. ولذلك يُعتبر كحل الإثمد آمنًا جدًا للاستخدام اليومي.
الفرق بين كحل الإثمد الأصلي والمغشوش
يُغش كحل الإثمد كثيرًا في الأسواق باستخدام مواد سوداء صناعية تحتوي على نسب عالية من الرصاص، مما يشكل خطرًا على العين. لذلك يجب الانتباه إلى الفروق التالية:
اللون: كحل الإثمد الأصلي لونه رمادي داكن يميل إلى السواد وليس أسود قاتمًا.
الملمس: ناعم جدًا ولا يحتوي على حبيبات خشنة.
الرائحة: خالٍ من أي رائحة نفاذة.
التأثير: لا يسبب حرقة أو دموع عند وضعه في العين.
المصدر: يُباع عادة في عبوات تراثية أو زجاجية من مكة أو المغرب أو المدينة المنورة.
إذا لاحظت أن الكحل يسبب حرقة أو يترك أثرًا دهنيًا، فهو مغشوش ويجب تجنبه فورًا.
فوائد كحل الإثمد للعين والبصر
يتميز كحل الإثمد بفوائد كثيرة جعلته يُستخدم طبيًا وتجميلًا على حد سواء، ومن أبرز فوائده:
تقوية البصر: يساعد الإثمد على تنشيط الدورة الدموية في العين وتقوية العصب البصري.
تنظيف العين: يزيل الشوائب والغبار والبكتيريا التي قد تسبب التهابات.
منع التهاب الجفون: بفضل خصائصه المطهرة، يقلل من خطر التهاب الجفون وحكة العين.
إنبات الرموش: يحتوي على معادن تحفز نمو بصيلات شعر الرموش والحواجب.
حماية العين من الضوء: يقلل من ضرر الأشعة الزرقاء والإجهاد الناتج عن الأجهزة الإلكترونية.
تهدئة العيون المرهقة: يمنح إحساسًا بالراحة ويقلل من إجهاد العين بعد يوم طويل.
فوائد كحل الإثمد للنساء
تحرص النساء منذ القدم على استخدام كحل الإثمد لما يضيفه من جاذبية وجمال طبيعي للعين، فهو يمنح نظرة عميقة وملامح أكثر سحرًا، كما يساعد على نمو الرموش لتبدو أطول وأكثر كثافة. كما أن استخدامه اليومي لا يسبب أي ضرر للبشرة أو العينين بخلاف الكحل الصناعي الذي يحتوي على الرصاص والمواد الحافظة.
فوائد كحل الإثمد للرجال
كان الرجال العرب يستخدمون كحل الإثمد ليس للزينة فقط بل للوقاية من أمراض العين وتقويتها، خاصة في المناطق الصحراوية حيث الغبار والحرارة. وكان اكتحال الرجل بالإثمد من علامات النظافة والوقار، وليس من الزينة المحظورة. وقد أثبتت الأبحاث أن كحل الإثمد مفيد جدًا لمن يقضي وقتًا طويلًا أمام الشاشات أو في أماكن مليئة بالغبار.
انظر ايضا الي : وظائف شركة بن لادن
أنواع كحل الإثمد
كحل الإثمد الأسود: الأكثر شيوعًا في الأسواق ويُستخدم للزينة اليومية.
كحل الإثمد الرمادي: يُستخدم لأغراض علاجية أو وقائية للعين.
كحل الإثمد المغربي: يُستخرج من جبال المغرب ويُعد من أنقى الأنواع.
كحل الإثمد المكي: يُعتبر من أجود الأنواع وأقربها للأصالة النبوية.
كحل الإثمد الأندلسي: نوع نادر اشتهر في أوروبا في القرون الوسطى.
طريقة استخدام كحل الإثمد
يُنصح باستخدام كحل الإثمد بالطريقة التقليدية للحصول على أفضل النتائج:
اغسل العين جيدًا قبل الاستخدام.
استخدم عود الكحل النظيف المخصص لذلك.
ضع الكحل بلطف داخل الجفن السفلي دون ضغط.
يُفضل وضعه قبل النوم كما كان يفعل النبي ﷺ لتستفيد العين من خصائصه أثناء الراحة.
يمكن استخدامه يوميًا دون خوف من أي آثار جانبية.
كيفية التأكد من جودة كحل الإثمد
للتأكد من أنك تشتري كحل إثمد أصلي:
اشترِ من مصدر موثوق ومعروف ببيع المنتجات النبوية أو العشبية.
افرك القليل بين أصابعك، إن كان ناعمًا وبارد الملمس فهو طبيعي.
عند وضعه على الجلد لا يترك أثرًا زيتيًا بل لونيًا جافًا.
الأفضل أن يكون في عبوة تراثية أو زجاجية صغيرة خالية من الزيوت.
التحذيرات عند استخدام كحل الإثمد
على الرغم من أن كحل الإثمد آمن جدًا، إلا أن هناك بعض الإرشادات الواجب اتباعها:
لا تشارك علبة الكحل مع الآخرين لتجنب انتقال العدوى.
لا تستخدم الكحل الصناعي الذي يحتوي على الرصاص.
لا تضع الكحل أثناء وجود التهابات أو حساسية في العين.
خزنه في مكان جاف بعيد عن الرطوبة.
استخدم عودًا نظيفًا في كل مرة لتجنب التلوث.
كحل الإثمد في الطب الحديث
أثبتت دراسات علمية حديثة أجريت في جامعة الملك سعود أن كحل الإثمد يحتوي على مركبات تساعد على تنشيط خلايا القرنية وتنظيفها من الشوائب، كما أنه يعمل على زيادة إفراز الدموع الطبيعية التي ترطب العين. وفي دراسة أخرى نُشرت في مجلة الطب العربي، تبين أن الإثمد يحد من نمو البكتيريا المسببة لالتهابات الجفن، ويمنح الرموش كثافة وقوة دون تأثير جانبي.
الفرق بين كحل الإثمد والأنواع الأخرى
الكحل التجاري المنتشر اليوم يحتوي على مواد كيميائية ضارة قد تسبب التهابات أو تصبغات في الجلد، بينما كحل الإثمد الطبيعي مستخرج من الحجر الخام فقط دون إضافات، وهو قابل للامتصاص من الجلد دون أي ضرر. لذلك يُنصح بالابتعاد عن الكحل اللامع المصنوع صناعيًا واختيار الإثمد الطبيعي المعتمد.
كحل الإثمد للأطفال
يُفضّل عدم استخدام الكحل للأطفال الصغار إلا بعد استشارة الطبيب، رغم أنه طبيعي إلا أن عيون الأطفال حساسة جدًا. ومع ذلك، في الطب الشعبي القديم كان يُستخدم كوقاية من الالتهابات وتقوية البصر في سن مبكرة.
الوعود الإلهية الأربعة في القرآن: دليل شامل للمؤمنين
كحل الإثمد والموروث العربي
يُعتبر كحل الإثمد جزءًا من الموروث العربي الأصيل الذي يعكس ارتباط الإنسان العربي بالجمال الطبيعي والنظافة الشخصية. فقد كان يُقدم كهدية في الأعراس والمناسبات، ويُعتبر من رموز الأناقة للرجال والنساء على حد سواء. وفي الثقافة الإسلامية، يمثل الإثمد سنة نبوية متوارثة تُستخدم حتى اليوم.
كحل الإثمد في الأسواق المعاصرة
شهدت الأسواق العربية والعالمية مؤخرًا إقبالًا كبيرًا على كحل الإثمد بعد انتشاره في متاجر العناية الطبيعية، حيث يُباع في عبوات تراثية أو أنيقة مزودة بعود نحاسي صغير. ويُعد كحل الإثمد المغربي والمكي الأكثر طلبًا نظرًا لجودته العالية ونقائه من الشوائب.
استخدام كحل الإثمد مع الزيوت الطبيعية
يمكن خلط كمية صغيرة من مسحوق كحل الإثمد مع زيت الخروع أو زيت الزيتون لزيادة فعاليته في إنبات الرموش وتقوية الحواجب. وتُستخدم هذه الوصفة منذ القدم كعلاج طبيعي لتساقط شعر الرموش.
كحل الإثمد والموضة الحديثة
رغم أن كحل الإثمد من أقدم مستحضرات الزينة في التاريخ، إلا أنه عاد بقوة في عالم الموضة الطبيعية والمنتجات العضوية، إذ تعتمد عليه كثير من شركات مستحضرات التجميل اليوم في صناعة أقلام كحل طبيعية خالية من الرصاص. كما أصبح عنصرًا بارزًا في الحملات الترويجية للمنتجات العربية التراثية.
ما هو الحديث النبوي عن كحل الإثمد؟
قال النبي ﷺ: “إن من خير أكحالكم الإثمد، يجلو البصر وينبت الشعر”، وهو حديث يبيّن فوائد هذا الكحل الطبيعي لصحة العين.
لماذا أمر النبي ﷺ بالاكتحال بالإثمد كل ليلة؟
لأن الإثمد يساعد على تنظيف العين وتقوية البصر وإنبات الرموش، ويُفضل استخدامه قبل النوم لامتصاص الفائدة أثناء الراحة.
هل كحل الإثمد مفيد طبيًا؟
نعم، فقد أثبتت الأبحاث أن الإثمد يحتوي على معادن تنشط الدورة الدموية في العين وتمنع الالتهابات وتحفز نمو الرموش.
هل كحل الإثمد آمن للرجال والنساء؟
نعم، هو طبيعي وآمن تمامًا ولا يحتوي على مواد كيميائية، ويمكن استخدامه يوميًا دون أي ضرر على الإطلاق.
خاتمة حديث نبوي عن كحل الإثمد
يبقى كحل الإثمد أكثر من مجرد أداة تجميل، فهو إرث نبوي وصحي وجمالي يجمع بين الماضي والحاضر، ويُعد خيارًا مثاليًا لكل من يبحث عن الجمال الطبيعي والعناية الآمنة بالعين. ومع تزايد الوعي بخطورة المستحضرات الكيميائية، يعود كحل الإثمد ليتصدر المشهد كمنتج طبيعي أصيل يجمع بين التراث العربي القديم والعلم الحديث، محافظًا على مكانته في القلوب والعيون على مر العصور.
التعليقات