دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) — هل تخيلت يوماً أن تبداً نهارك ربما بفنجان قهوة لذيذ، وابتسامات لطيفة مع الأهل والأصدقاء، وأحلام ما زالت تلوح في الأفق، وفجأة بقرار شخص آخر تنتهي حياتك ليكون هذا يومك الأخير!
بالنسبة لنيرة أشرف، شيماء مسعود، إيمان رشيد، لبنى منصور وغيرهن الكثير من النساء والفتيات لم يكن هذا مجرد خيال، كان واقعهن المؤلم الذي أنهى حياتهن بالكثير من العنف والوحشية، وكتب سطراً جديداً بتاريخ العنف ضد النساء، جعل كل امرأة تسأل نفسها “هل سأكون الضحية القادمة؟”
هذا السؤال الذي دفع الناشطة النسوية السورية ريم محمود لإطلاق إضراب نسائي إقليمي عابر للحدود من المحيط إلى الخليج الأربعاء 6 يوليو/ تموز 2022، احتجاجاً على ازدياد جرائم قتل النساء في المنطقة العربية، دون أي حراك حقيقي من الحكومات والمؤسسات المعنية.
تقول ريم لـ CNN بالعربية: “الإضراب هو ردة فعلنا على كل من يسيء لنا كنساء، كي لا يعتقد أحد أننا اعتدنا على هذه الإساءة، لذا كان لابد هذه المرة من اتخاذ خطوة أكبر من المعتاد وألا يتم التعامل مع قضايانا كـ “تريند” ننشغل به بضع أيام، يحاسبون المجرم وبعدها تُنسى قصصنا وتعود سلسلة الجرائم من جديد.”
وانضمت إلى الإضراب مجموعة من الناشطات والمنظمات النسوية من مختلف الدول العربية ليعبرن عن تضامنهن وتحالفهن ومواقفهن الواضحة ضد العنف الموجه للنساء، ولإإمانهن بأن الأمان والعدالة والحياة حقوق طبيعية وأساسية لكل امرأة وفتاة، وأن الحراك الحقيقي والجاد لابد وأن يحرك هذا السكون.
تقول ريم: “هدفنا من الإضراب هو الإضراب بحد ذاته، رفع الوعي بأهمية تضامننا لنشكل قوة وضغطا أكبر، وجميع فئات المجتمع معنية بهذا الإضراب، لكننا توجهنا للنساء بشكل خاص لأننا نحن من نعاني بسبب القوانين والأعراف المجتمعية التي تجعل حياتنا غير آمنة وغير صحيّة، كان هناك دعم خجول من الرجال لكن التفاعل الأكبر من النساء، وهو أمر طبيعي لأننا مدفوعات بالخوف والخطر والشعور بأننا في مكان غير آمن، فلا أعتقد أن هناك فتاة إلا وقد تعرضت أو سمعت عن فتاة تعرضت للتهديد بالعنف.”
وتنوعت أشكال الدعوات للإضراب بين الامتناع عن الذهاب للعمل أو أداء الأعمال المنزلية، ونشر الصور واللافتات التي تعكس المشاركة في الإضراب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى الوقفات التضامنية والتظاهرات.
أما عن التحديات التي واجهتها ريم والناشطات المشاركات في الإضراب تقول: “التحدي الحقيقي كان في تنظيم وتنفيذ حملة كهذه بوقت قصير جداً لا يتجاوز الـ 13 يوماً، لكننا استخدمنا طاقاتنا القصوى لكي نتمكن من إيصال الإضراب لأكبر عدد ممكن من الناس والجهات المعنية بالمشاركة فيه، وهذا ما حدث فعلاً.”
وتعد الإضرابات النسائية وسيلة ضغط قوية وناجحة عبر التاريخ، استطاعت تحقيق بعض المطالب والحقوق للنساء، نذكر منها الإضراب الذي قامت به تسع سيدات مصريات عام 1954 في نقابة الصحفيات/ين وأضربن عن الطعام لإقرار حق المرأة في المشاركة السياسية بما في ذلك حق الترشح والتصويت في الانتخابات، ليتم إقرار حق المرأة المصرية في المشاركة في الانتخابات النيابية بالترشح والانتخاب في دستور عام 1956.
وتختم ريم حديثها لـ CNN: “خطتنا للاستمرار هي بمتابعة اللقاءات والعمل بين الناشطات النسويات وكذلك تسليط الضوء على القوانين بكل بلد وكيفية تعاملها مع قضايا العنف ونشر التوصيات على موقعنا، فإن كانت الحكومات والمؤسسات المعنية لا تتحرك، يجب علينا دفعها للحراك لكي تأخذ دورها بحماية النساء وتلتزم بالاتفاقيات التي وقعت عليها.”
التعليقات