برشلونة يتخلى عن الحمض النووي لغوارديولا بالتعاقد مع ليفاندوفسكي – صحيفة الصوت

النادي الإسباني فضل استقطاب أسماء كبيرة… وتجاهل الميزانية العمومية

كانت أعظم خدعة قام بها المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا على الإطلاق هي إقناع العالم بوجود ما يمكن أن نطلق عليه اسم الحمض النووي للأندية! لقد تغيرت كرة القدم ككل عندما تم تعيين غوارديولا مديراً فنياً لبرشلونة في عام 2008. لم يكن الأمر يتعلق فقط بأن أعين العالم قد انفتحت على الإمكانات الكاملة للاستحواذ على الكرة، أو تلك الأهداف التي يتم تسجيلها في مراحل خروج المغلوب من دوري أبطال أوروبا – رغم حدوث كليهما – لكن الأمر كان يتعلق بتقديم نموذج معين لما يمكن أن تكون عليه الأشياء.

إننا نتحدث هنا عن مدير فني لم تكن لديه أي خبرة في العمل مع الفريق الأول، ثم قام على الفور باستبعاد أبرز نجمين أجنبيين في صفوف الفريق، وهما النجم البرازيلي رونالدينيو والبرتغالي ديكو، وفاز في موسمه الأول بلقب دوري أبطال أوروبا والدوري الإسباني الممتاز وكأس الملك بفريق يضم سبعة لاعبين جاءوا من نفس فريق الشباب الذي جاء هو شخصياً منه. لقد نجح غوارديولا في تحقيق نجاح باهر وتقديم كرة قدم جميلة وبتكلفة منخفضة. وبالتالي، فإن السؤال المطروح الآن هو: لماذا لا يرغب أي مدير تنفيذي في أن يسير على نفس النهج ونفس النموذج؟

من الواضح أن البعض لا يريد ذلك، فبعض المديرين التنفيذيين يهتمون أكثر بالعلامات التجارية والتسويق، من خلال التفكير في التعاقد مع الأسماء الكبيرة، وفي أن يتم تصويرهم على أنهم عباقرة من جانب نوع معين من المشجعين الذين يعيشون على أخبار سوق الانتقالات وليس الفوز الفعلي في المباريات.

لكن بالنسبة لأولئك الذين يعطون الرياضة الأولوية بالفعل، بدت الرسالة واضحة للغاية: يجب أن تكون الأندية أكثر شبهاً ببرشلونة. يتعين على الأندية أن تكون لها فلسفة واضحة يتم تدريسها من خلال أكاديميات الناشئين ثم تطبيقها في الفريق الأول، وهو ما يسهل عملية تصعيد اللاعبين الشباب، وهو الأمر الذي يوفر الأموال الطائلة التي تنفق على الصفقات الجديدة. ومن المرجح أن تكون المواهب الشابة الصاعدة من أكاديميات الناشئين أكثر ولاء للنادي، كما يكون الجمهور أكثر تقبلاً وتسامحاً مع أي أخطاء قد يرتكبها هؤلاء اللاعبون. وهذا النوع من الترابط الذي كان يميز فريق برشلونة ربما يكون ناتجاً فقط عن سنوات من تعلم النظام واللعب معاً.

لقد كان مالكو مانشستر سيتي – بعد الإنفاق السخي في البداية – أذكياء بما يكفي لإدراك ذلك، وأن يهيئوا كل الأجواء اللازمة لنجاح غوارديولا، حتى قبل وصوله، من خلال بناء ناد على طراز برشلونة، والاستعانة باثنين من كبار مديري برشلونة السابقين.

لكن الشيء الذي يجعل الأمر محيراً للغاية هو أن برشلونة نفسه قد تخلى عن تلك المبادئ. فالنادي الكتالوني مديون بـ1.3 مليار يورو (1.1 مليار جنيه إسترليني)، ولديه لاعبون شباب رائعون مثل غافي وبيدري وأنسو فاتي، بالإضافة إلى سيرجينو ديست وريكي بويغ، وهم اللاعبون الذين يمكنهم تشكيل نواة لفريق شاب قوي كان من الممكن مساعدتهم والصبر عليهم أثناء حل النادي لمشاكله المالية. وكان من الممكن إقناع الجماهير بالصبر لبناء فريق قوي خلال ثلاث سنوات، يقول خلالها خوان لابورتا بإصلاح الفوضى التي خلفها سلفه، جوزيب بارتوميو. وعلاوة على ذلك، فإن من يتولى القيادة الفنية للفريق الآن هو تشافي القادم أيضاً من أكاديمية الناشئين ويجسد قيم النادي الكتالوني.

ولو نجح النادي في الفوز بأي بطولة في ظل هذه الظروف الصعبة فإن ذلك كان سيصبح قصة رومانسية رائعة. وإذا لم يفز بأي شيء، فلا توجد أدنى مشكلة، لأن إعادة البناء تتطلب بعض الوقت. لقد كان الغياب عن دوري أبطال أوروبا وخسارة الإيرادات التي يحصل عليه الفريق من المشاركة تمثل مصدر قلق حقيقي بالفعل، لكن برشلونة فضل إنفاق مبالغ مالية كبيرة من خلال التعاقد مع رافينيا وروبرت ليفاندوفسكي ورهن مستقبله، معتقداً أن أفضل مسار للعمل هو التعاقد مع لاعبين من ذوي الأسماء الكبيرة وتجاهل الميزانية العمومية، والأمل في انطلاق بطولة دوري السوبر الأوروبي عاجلاً وليس آجلاً!

تشافي (رويترز)

لقد اتضح أن حتى برشلونة نفسه يمكنه أن يبتعد عن الحمض النووي الذي كان يميزه عن باقي الأندية. لكن في الحقيقة، معظم الأندية ليس لديها حمض نووي، أو على الأقل ليس بالطريقة التي يتم بها استخدام هذا المصطلح. إن الحمض النووي هو العذر المستخدم لمنح لاعب سابق ذي خبرة محدودة وظيفة المدير الفني للفريق الأول على أمل أنه «يعرف النادي جيداً»، وسيكون قادراً بطريقة ما على تكرار النجاح الذي حققه غوارديولا. لهذا السبب عين تشيلسي فرانك لامبارد، وعين مانشستر يونايتد أولي غونار سولسكاير، وعين يوفنتوس أندريا بيرلو.

الحمض النووي هو أيضاً العذر الذي يستخدمه المشجعون للانقلاب على المديرين الفنيين الذين لا يحبونهم، مثل سام ألاردايس. لقد اُتهم لويس فان غال بعدم احترام الطريقة التي يعمل بها مانشستر يونايتد، واُتهم ستيف بروس بالفشل في فهم روح نيوكاسل، واُتهم ماركو سيلفا بأنه غير مناسب لإيفرتون. لكن بالنسبة للجزء الأكبر، لا يمكن التمييز بين الهويات المختلفة للأندية من حيث طريقة اللعب، فكل فريق يحب أن يصور نفسه على أنه يلعب كرة قدم هجومية، ويقول: «حسناً، لا يمكننا التعاقد مع هذا المدير الفني لأنه لا يجعلنا نقدم كرة القدم الممتعة التي اعتدنا على تقديمها!».

لكن من الهراء أن نقول إن هناك حمضاً مميزاً لأي ناد، بخلاف أياكس وبرشلونة، الذي تبنى بالطبع نموذج أياكس بفضل تأثير رينوس ميشيلز ويوهان كرويف. ويمكن القول إن المديرين الفنيين الأكثر نجاحاً والعظماء الحقيقيين في كرة القدم الإنجليزية هم الذين تخلوا عن الصورة النمطية للنادي وخلقوا شيئاً جديداً تماماً، مثل هربرت تشابمان ومات بيسبي وبيل شانكلي ودون ريفي وبرايان كلوف وأليكس فيرغسون وآرسين فينغر.

ويعد نادي ليفربول نموذجاً مضاداً نادراً، حيث تم تمرير المعرفة والطريقة من شانكلي إلى بوب بيزلي إلى جو فاغان إلى كيني دالغليش، لكن ذلك الأمر اختفى في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي. ورغم أن ليفربول بقيادة المدير الفني الألماني يورغن كلوب يضغط على المنافسين بشكل متواصل، فمن الصعب العثور على أي استمرارية مهمة بين الفريق الحالي وفريق ليفربول قبل ثلاثة عقود. ربما يتطلع مانشستر سيتي، بعد أن أنشأ نموذجاً على غرار برشلونة، إلى الحفاظ على هذا النهج بعد رحيل غوارديولا – حتى لو كانت الفوائد المالية لإنتاج اللاعبين محلياً أقل صلة بهم من الأندية الممولة تقليدياً.

لما سخر البعض من مانشستر سيتي بسبب حديثه عن البحث عن نهج أكثر «شمولية»» عندما أقال روبرتو مانشيني، كان الأمر منطقياً بالطبع إذا كان اختيار المدير الفني وعملية التعاقدات الجديدة والكشافة وتطوير اللاعبين الشباب يعملون جميعاً وفق نفس الأسلوب المتبع – شريطة أن يكون النموذج مرن بدرجة كافية ليتطور مع تطور كرة القدم ككل. لهذا السبب قال تود بوهلي إنه يريد أن يكون تشيلسي مثل ليفربول، الذي كانت كفاءته في سوق انتقالات اللاعبين أحد الأسباب الرئيسية التي تمكنه من مواكبة مانشستر سيتي في السنوات الأخيرة. وينطبق الأمر نفسه أيضاً على المستويات الأقل، فقد تجاوز سوانزي سيتي، على سبيل المثال، مشاكله المالية تحت قيادة روبرتو مارتينيز وباولو سوزا وبريندان رودجرز ومايكل لاودروب، قبل وصول مستثمرين جدد وتغيير النهج.

ربما في الوقت المناسب، يمكن أن يصبح هذا التماسك في النهج، كما حدث مع أياكس، جزءاً لا يتجزأ من هوية النادي. لكن الفكرة القائلة إن الأندية، بخلاف عدد قليل للغاية، لديها أسلوب لعب معين لا يمكنها التخلي عنه، هي إلى حدٍ كبير أساطير تنسجها تلك الأندية عن نفسها دون أن يكون ذلك شيئاً حقيقياً على أرض الواقع.

ليفاندوفسكي (رويترز)


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *