حتى الآن، كان عام 2022 عاماً أخطأ فيه الجميع في “وول ستريت”، كما فعل بنك الاحتياطي الفيدرالي، وبنوك مركزية عالمية.
وبالعودة إلى ديسمبر من العام الماضي، توقع المحللون الاستراتيجيون في أكبر شركات الاستثمار في العالم مثل “جي بي مورغان”، أن مؤشر S&P 500 سيربح 5% في عام 2022.
كما رأى الاقتصاديون أن عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات سيصل إلى 2% في المتوسط بنهاية العام.
وحتى شركة غولدمان ساكس، أعطت مصداقية لتوقعات السوق بوصول بيتكوين إلى 100000 دولار.
ومع ذلك، بعد 6 أشهر، أدى الالتقاء غير المسبوق من الصدمات إلى إنهاء أحد أقوى الأسواق الصاعدة للأسهم ودفع عوائد السندات الحكومية الآمنة وغيرها من الأصول إلى الارتفاع.
وانخفض مؤشر S&P 500 بنسبة 23%، وسندات الخزانة أجل 10 سنوات بلغت 3.23%، فيما تخلت “بيتكوين” عن أكثر من 60% من قيمتها.
وتحول السوق سريعاً من “شراء كل شيء” إلى “بيع كل شيء”، إذ ساهمت الأحداث غير المتوقعة، بما في ذلك الحرب الروسية الأوكرانية، في ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى في 4 عقود.
إشارات ركود
ونتيجة لذلك، تبخرت معدلات الفائدة الصفرية والحوافز النقدية – التي كانت أساس الانتعاش الذي أعقب الوباء – حيث سعى بنك الاحتياطي الفيدرالي ونظرائه إلى كبح التضخم.
وحتى رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، لم ير الاضطرابات التي كانت تأتي من التضخم. وتوقع أن تنخفض مكاسب الأسعار إلى مستويات أقرب إلى هدف الفيدرالي على المدى الطويل وهو 2% بحلول نهاية عام 2022.
لكن أسواق السندات الآن تومض بإشارات الركود حيث إن الزيادات الشديدة في أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي تشكل خطراً على نمو الاقتصاد.
من جانبه، قال الخبير الاستراتيجي في دويتشه بنك، جيم ريد: “في هذه المرة من العام الماضي، كان بنك الاحتياطي الفيدرالي نفسه لا يزال يتوقع انخفاض أسعار الفائدة بالقرب من الصفر في هذه المرحلة”، مضيفا: “في أقل من نصف عام، تشير هذه الإبرة الآن إلى 3.5% بحلول نهاية 2022”.
توقعات جديدة.. هل تفلح؟
وحتى مع الانخفاضات الحادة، إلا أن خبراء السوق يحافظون على ثقتهم في أن الأسهم ستتعافى بحلول نهاية العام.
ولا يزال جون ستولتزفوس من شركة أوبنهايمر يرى أن مؤشر S&P 500 سينهي عام 2022 عند 5330 نقطة، مما يتطلب ارتفاعاً بنسبة 45% في الأشهر الستة المقبلة.
كما أن بعض الشركات الأخرى، بما في ذلك جي بي مورغان، وكريدي سويس، تضع أهدافا للمؤشر أعلى بنسبة 30% على الأقل من المستويات الحالية.
ويرى المحللون الاستراتيجيون في “وول ستريت”، في المتوسط ، أن مؤشر S&P 500 سيرتفع بنسبة 22% عن مستوى يوم الجمعة في أحدث استطلاع لـ”بلومبرغ”.
وانخفض مؤشر S&P 500 القياسي بنسبة 51% من الذروة إلى القاع بين عامي 2000 و2002، وبنسبة 58% خلال فترة الأزمة المالية العالمية.
وبالمثل، قال مايكل ويلسون من مورغان ستانلي – أحد الأصوات السلبية القليلة في ديسمبر – إن انخفاض السوق بأكثر من 20% لا يزال لا يعكس بالكامل المخاطر على أرباح الشركات.
لا مكان للاختباء
وحتى أكثر الأصول أمانا في العالم سواء كان النقود – ممثلة في العملة المهيمنة عالمياً الدولار – أو حتى الذهب وسندات الخزانة الأميركية، لم تنج من الأزمة.
وتسير الأسهم والسندات معاً في الطريق الصحيح نحو أسوأ ربع على الإطلاق.
في غضون ذلك، تعرضت أسواق الائتمان أيضاً لضربة كبيرة.
وحتى الآن هذا العام، تخلصت المجموعة العالمية التي تحتفظ بديون الشركات الأكثر أماناً من أكثر من 900 مليار دولار من هذه الديون، مسجلةً أسوأ نصف أول من عام على الإطلاق، وفقاً لبيانات مؤشر بلومبرغ، والذي اطلعت عليه “العربية.نت”.
كما أن مقاييس مخاطر ائتمان الشركات آخذة في الارتفاع أيضاً، حيث بلغت مقايضات التخلف عن السداد ديون الشركات الأوروبية عالية الجودة أعلى مستوياتها منذ أبريل 2020.
وتعد مقايضات التخلف عن سداد الديون، نوع من العقود التي يشتريها المستثمرون لتأمين استثماراتهم في ديون الشركات من فشلها في سداد الالتزامات.
وحتى الأصول المشفرة، والتي لمع نجمها خلال الأعوام الماضية، كانت خسائرها كارثية وانهارت بعضها تماماً، فيما فقد سوق التشفير أكثر من تريليون دولار في عام 2022.
التعليقات