المكاسب والتنازلات.. ماذا بعد مصافحة القبضة بين بايدن ومحمد بن سلمان؟ – صحيفة الصوت

تقرير من نك روبرتسون، محرر الشؤون الدبلوماسية الدولية، ضمن نشرة الشرق الأوسط البريدية من CNN. للاشتراك في النشرة (اضغط هنا)

جدة، المملكة العربية السعودية (CNN)– أثارت صورة “مصافحة القبضة” خلال استقبال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للرئيس الأمريكي جو بايدن الكثير من التكهنات حولها، وكانت أقوى من التخمين الذي سبقها. مثل الفائز في سباق المسافات الطويلة، انتزع ولي العهد المجد واسترداد السمعة عند خط النهاية.

في وقت لاحق، واجه بايدن ولي العهد لدوره في مقتل جمال خاشقجي الصحفي السعودي الذي كان يكتب مقالات رأي في صحيفة “واشنطن بوست” ولديه تأشيرة إقامة بالولايات المتحدة. رد محمد بن سلمان بنفي مسؤوليته عن مقتل خاشقجي في قنصلية المملكة بمدينة إسطنبول التركية عام 2018، وكذلك فعل المسؤولون السعوديون الذين شككوا في سجل حقوق الإنسان للولايات المتحدة بشأن الانتهاكات في سجن أبو غريب، خلال حرب العراق.

لكن تلك الصورة لمصافحة القبضة كانت ما أراده السعوديون، تعزيز السمعة ووضع محمد بن سلمان في موقع الصدارة في منطقة تعتبر فيها المنافسات وألعاب القوة حقيقة من حقائق الحياة.

ومع ذلك، رأى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن ذلك مفيد لبايدن أيضًا. وقال لشبكة CNN في مقابلة خاصة: “أرى الصورة بمثابة فوز للرئيس بايدن، على ما أعتقد، لأنه يتعامل مع أحد الشركاء الرئيسيين للولايات المتحدة، في المنطقة، وخارجها. المملكة العربية السعودية لاعب رئيسي في الاستقرار الإقليمي”.

جاء بايدن إلى السعودية أولًا، بدلًا من دول الخليج الأخرى الغنية بالطاقة مثل الإمارات العربية المتحدة أو قطر، وتعامل مع ولي العهد، بعدما تعهد خلال حملته الانتخابية بجعله “منبوذًا”.

ومع ذلك، أشار بايدن إلى النجاح، ملمحًا إلى أن المزيد من النفط سيتدفق من المنطقة لمواجهة انخفاض التدفق من روسيا في أعقاب العقوبات الغربية المفروضة إثر غزو موسكو لأوكرانيا. لكن الرئيس الأمريكي عاد إلى بلاده دون وعد علني بزيادة إنتاج النفط. وقال بايدن بعد تعرضه لضغوط أسئلة الصحفيين بشأن هذه القضية: “أفعل كل ما في وسعي لزيادة المعروض”، مضيفًا أن الزيادات ستُلاحظ في غضون أسابيع. وتابع بالقول: “سنرى المزيد عندما تبدأ محطات الوقود في خفض أسعارها بما يتفق مع ما تدفعه مقابل النفط”.

لكن كان هناك المزيد على قائمة أمنيات بايدن، وتحديدًا رغبته في زيادة الاستقرار الإقليمي من خلال تطبيع العلاقات السعودية – الإسرائيلية، فضلاً عن ملء ما أسماه “الفراغ”، الذي سببته برودة العلاقات الأمريكية مع محمد بن سلمان، والذي يسمح للصين وروسيا بزيادة نفوذهم في الشرق الأوسط.

بصرف النظر عن صورة مصافحة القبضة، يريد محمد بن سلمان استراتيجية واضحة من البيت الأبيض بشأن الخليج. وتريد السعودية خاصة ضمانات أمنية، وشركاء أمريكيين في عدد لا يحصى من المشاريع التجارية التي تولدها “رؤية 2030” الطموحة لولي العهد، وتريد شريكًا في الحكومة في إسرائيل يمكنه تنفيذ ما تريده المملكة لتحسين العلاقات.

التساؤلات حول جميع القضايا التي تم طرحها في اجتماع جدة هي: ما التكلفة وأين الحل الوسط؟ لا مكسب بلا ألم.

بايدن يقول إنه لن يسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي. وكان محمد بن سلمان قد أوضح أنه إذا حدث ذلك، فسيحصل على سلاح نووي. وبينما تريد إسرائيل خيار الضربة العسكرية لمنع تحول إيران إلى قوة نووية، يخشى محمد بن سلمان من أن الحرب قد تؤدي إلى تعطيل اقتصاده. ومع ذلك، فهو يريد زوال التهديد الإيراني، فيما يشير البيت الأبيض إلى أن روسيا تتعاون بشكل متزايد مع إيران.

لا توجد صفقة يتم مناقشتها في المنطقة وتكون ببساطة ثنائية. أصبح هذا الأمر أكثر تعقيدًا في قمة بايدن مع دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق، السبت الماضي، مع استبعاد الإمارات والعراق بوضوح إمكانية الانضمام إلى أي اتفاقية أمنية قد تؤثر على إيران.

ترى الرياض فائدة التقارب مع إسرائيل، لكنها تدرك أنه إذا تم ذلك بشكل سيئ، فيمكن أن يقلل من دورها القيادي في العالم الإسلامي، ويؤثر سلبًا ليس فقط على السعودية، ولكن أيضًا على الولايات المتحدة وإسرائيل.

سيكون ثمن الصفقة السعودية – الإسرائيلية، التي كانت حتى قبل وصول بايدن صعبة المنال للغاية، باهظًا.

لو تم ذلك خلال زيارة بايدن، لكانت التكلفة أعلى، لأن السعوديين يعتقدون أنه لا يمكن لأي زعيم إسرائيلي الوفاء بالالتزامات التي يريدونها حاليًا: حل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

السعودية لا تقول علنًا ما هي الضمانات الأمنية التي يمكن أن تعوض ذلك، ولكن قد يكون على قائمة رغباتها: التدفق الحر للأسلحة، ودرع صاروخي دفاعي للحماية من إيران، وحتى التزامات على غرار حلف شمال الأطلسي (الناتو) لتقديم المساعدة للمملكة في حالات الخطر القصوى، إلى جانب تخفيف الانتقادات لسجل حقوق الإنسان السعودي.

ومع ذلك، كانت زيارة بايدن قادرة على تقليص الخلافات السعودية – الإسرائيلية.

في مؤتمر صحفي معددًا “انتصاراته”، كان تنازل سعودي لإسرائيل وتنازل إسرائيلي للسعودية أول نجاحين ذكرهما بايدن.

وقال الرئيس الأمريكي: “السعوديون سيفتحون مجالهم الجوي لجميع الناقلات المدنية.. وهذا يعني أن المجال الجوي السعودي مفتوح الآن أمام الرحلات الجوية من وإلى إسرائيل”. ووصفها بايدن بأنها خطوة أولى “ملموسة” نحو “تطبيع أوسع للعلاقات”.

البند الثاني على قائمة بايدن كان “صفقة تاريخية لتحويل بقعة ساخنة في قلب حروب الشرق الأوسط إلى منطقة سلام”، حيث وافق السعوديون على تنازلات تهدئ المخاوف الأمنية الإسرائيلية بشأن جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين في البحر الأحمر.

كانت خلفية الاجتماعات هي الشعور بأن البيت الأبيض يحاول اللحاق بالركب في منطقة يشعر فيها الكثيرون بأن كلًا من الإدارتين الحالية والسابقة كانت تهملها. كان المسؤولون الأمريكيون يتحدثون عن الدعم الروسي المتزايد لإيران، وصفقة مع السعودية لمواجهة نفوذ الصين من خلال تقنيات الجيل الخامس لشبكات الاتصالات.

تشير القراءات المبكرة إلى أن رؤية بايدن لمستقبل الانخراط بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط كانت بالضبط ما أراد السعوديون سماعه، على الرغم من التحذيرات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان.

إذا كان بايدن محقًا، وانخفضت أسعار الوقود، فهذا أيضًا فوز له داخل الولايات المتحدة. لكن العمل الشاق على تحسين العلاقات سيكون قد بدأ للتو. سيتطلع السعوديون إلى خطوات متابعة، ودعوة محمد بن سلمان لزيارة واشنطن.

إذا حدث هذا، سيضع بايدن بلا شك ثمنًا باهظًا عليه. وستكون مصافحات القبضة شيئًا ضئيلًا أمامه.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *